25 يناير . 3 دقائق قراءة . 784
يولد الإنسان في
محطة مؤقتة، ويكبر مرحلة مرحلة، ويخوض التجارب مجبراً بحثاً عن محطته الرئيسية
التي يرغب أن يستقر فيها في الحياة لتحقيق رغباته و ملء فؤاده بما يهوى.
يتصور الناس أن
العائلة والأصدقاء والمال والجاه كل هذه المؤثرات قادرة على إحاطة الإنسان بهيكل
الاستقرار، وتكوين المحطة الخاصة للذات. ولو كان ذلك حقيقة لما سار الإنسان في طرق
مختلفة وأمصار شتى سواء بإرادته أو مجبراً على فعل ذلك، ولو كان ذلك حق لما تغيرت
أفكاره وتجددت مشاعره، لما دفعه الفراق إلى السير قدما بحثاً عن المحطة الخاصة،
الجسد يرتحل ويرتاح
ويتألم في سبيل استقرار الروح، والنفس ترغب بما تهوى وتصارع مع الروح عن المحطة والعقل
مرهق بين الانتظار ومواكبة ما حوله والاندماج المؤقت،
لماذا يحدث كل
هذا؟ لماذا لا يكتفي الانسان في أدواره المؤقته و محطاته البائسة، لو كان الأمر
متروك لذاته لتوقف عن السير لكن الأمر أمر الروح،
الروح رغبت من أول
لحظة قبل نضوج العقل وقبل تعلق النفس بما حولها، وقبل امتلاء العين بالمناظر
المزيفة، تلك الروح تعلم يقينا أن راحتها الأبدية ليست في الدنيا و زخرفها، لكنها
واثقة أن المحطة الرئيسية إن وجدت مكّنت الانسان من استشعار معنى الحياة، وتذوق
لذة الذات والاكتفاء بالرسالة الذاتية،
ان ما يجعل الإنسان
ويدفعه أن يسلك المسلك المادي البحت في الدنيا و الاختيار الظاهري هو الاعتماد
كليا على رغبات الذات المزيفة - لأن الذات المزيفة مشوهة ومعرضة لتلوث الأخرين، وتكوينات
البيئة والطفولة التي صورت للإنسان نمط معين من فهم الاستقرار الإنساني، فهذه
عبودية تقتل حرية الانسان و شغفه في الحياة.
06 سبتمبر . 1 دقيقة قراءة